سورة الروم - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الروم)


        


{قُلْ سِيرُوا فِي الأرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ} لتروا منازلهم ومساكنهم خاوية، {كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} أي: كانوا مشركين، فأهلكوا بكفرهم. {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ} المستقيم وهو دين الإسلام {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ} يعني: يوم القيامة، لا يقدر أحد على رده من الله، {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} أي: يتقرفون فريق في الجنة وفريق في السعير. {مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} أي: وبال كفره، {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلأنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} يوطئون المضاجع ويسوونها في القبور. {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ} قال ابن عباس رضي الله عنهما: ليثيبهم الله أكثر من ثواب أعمالهم، {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} قوله عز وجل: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} تبشر بالمطر، {وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} نعمة، المطر وهي الخصب، {وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ} بهذه الرياح، {بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِه} لتطلبوا من رزقه بالتجارة في البحر، {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} رب هذه النعم. قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} بالدلالات الواضحات على صدقهم، {فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} عذّبنا الذين كذبوهم، {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} وإنجاؤهم من العذاب، ففي هذا تبشير للنبي صلى الله عليه وسلم بالظفر في العاقبة والنصر على الأعداء. قال الحسن: أنجاهم مع الرسل من عذاب الأمم.
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان، أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني، أخبرنا أحمد بن زنجويه، أخبرنا أبو شيخ الحراني، أخبرنا أبو موسى بن أعين، عن ليث بن أبي سليم، عن شهر بن حوشب، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من مسلم يردّ عن عِرض أخيه إلا كان حقًا على الله أن يردّ عنه نار جهنم يوم القيامة»، ثم تلا هذه الآية {وكان حقًا علينا نصر المؤمنين}.


{اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا} أي: ينشره، {فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ} مسيرة يوم أو يومين وأكثر على من يشاء، {وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا} قطعًا متفرقةُ {فَتَرَى الْوَدْقَ} المطر، {يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ} وسطه، {فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ} أي: بالودق، {مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} يفرحون بالمطر. {وَإِنْ كَانُوا} وقد كانوا، {مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ} أي آيسين، وقيل: {وإن كانوا}، أي: وما كانوا إلا مبلسين، وأعاد قوله: {من قبله} تأكيدًا. وقيل: الأولى ترجع إلى إنزال المطر، والثانية إلى إنشاء السحاب. وفي حرف عبد الله بن مسعود: وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم لمبلسين، غير مكرر.


{فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ} هكذا قرأ أهل الحجاز، والبصرة، وأبو بكر. وقرأ الآخرون: {إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ} على الجمع، أراد برحمة الله: المطر، أي: انظر إلى حسن تأثيره في الأرض، وقال مقاتل: أثر رحمة الله أي: نعمته وهو النبت، {كَيْفَ يُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى} يعني: أن ذلك الذي يحي الأرض لمحيي الموتى، {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا} باردة مضرة فأفسدت الزرع، {فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا} أي: رأوا النبت والزرع مصفَرًّا بعد الخضرة، {لَظَلُّوا} لصاروا، {مِنْ بَعْدِهِ} أي: من بعد اصفرار الزرع، {يَكْفُرُون} يجحدون ما سلف من النعمة، يعني: أنهم يفرحون عند الخصب، ولو أرسلت عذابًا على زرعهم جحدوا سالف نعمتي. {فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ}. {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} قرئ بضم الضاد وفتحها، فالضم لغة قريش، والفتح لغة تميم، ومعنى {من ضعف}، أي: من نطفة، يريد من ذي ضعف، أي: من ماء ذي ضعف كما قال تعالى: {ألم نخلقكم من ماء مهين} [المرسلات- 20]، {ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً} بعد ضعف الطفولية شبابًا، وهو وقت القوة، {ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا} هرمًا، {وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} الضعف والقوة والشباب والشيبة، {وَهُوَ الْعَلِيمُ} بتدبير خلقه، {الْقَدِيرُ} على ما يشاء.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6